كشف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، عن مفاجأة وهي أن مبارك كان يرفض توريث الحكم لابنه جمال، وينفر من الحديث فيه، وحينما سأله القذافي عن ذلك قال له: "مصر ليست سوريا، وتجربة الأسد غير قابلة للتكرار في مصر"، لكنه كان يعطي إشارات توحي برغبته في ذلك ليتخلص من ضغوط المقربين منه وإلحاحهم عليه في تلك النقطة.
وأوضح هيكل في الحلقة الأخيرة من كتابه "مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان" المنشورة اليوم في جريدة "الشروق" أن مبارك في حسه الداخلي الدفين لا يريد توريث الحكم لنجله جمال، وكان يرفض هذا الأمر بتفكيره وشعوره، بل كان ينفر من الحديث فيه لأنه يذكره بما يتمنى أن ينساه.
وفسر هيكل ذلك بأن مبارك، لم يكن يمانع أن يرث ابنه رئاسته، لكن تصرفات مبارك كانت تشير إلى أنه لم يكن مستعدًا لأن يحدث هذا التوريث في حياته، وأنه كان في مأزق حقيقي، لأنه بذلك الحال كان في وضع رجل يقبل ولا يقبل، يقبل بغير أن تكون إرادته حاضرة في القبول، ولا يقبل ما دامت إرادته حاضرة، وأن القريبين منه كانوا يضغطون عليه ويواصلون الضغط، وإصرارهم في ذلك سببه أنه إذا لم يحدث التوريث في حضور مبارك وبإرادته، فإن تحقيقه ضرب من المستحيلات في غيابه وغياب سلطته.
واستطرد هيكل قائلا: إن عقدة مبارك أنه لم يكن مستعدًا في قرارة نفسه لتوريث الحكم لنجله، ولكنه كان يجاري ويبدي من الإشارات ما يفيد معنى القبول، وهو يماطل ويراوغ ولا يقولها "نعم" صريحة، أو "لا" قاطعة، لأنه يريد أن يحمي سمعه من ضغط "ناعم" مرات مثل لمس الحرير – هيكل يقصد هنا سوزان مبارك-، و"ثقيل" أحيانا بوزن طن من الحديد – يقصد أحمد عز-.
وأكد هيكل أنه في تلك الأحوال راجت أحاديث عن خطط يتم رسمها، وسيناريوهات تعد، ولا تنتظر إلا مناسبة مواتية أو تبدو مواتية، ثم يطرح المشروع نفسه، ولكن كانت تمر المناسبات دون أن يحدث شيء.
وشدد هيكل على أن كثيرين سألوا مبارك، عما إذا كان يرغب في توريث الحكم لنجله جمال أم لا؟، وكانت ردوده طوال الوقت رافضة للفكرة، وإن كانت إيحاءاته غير ذلك، وأن الزعيم الليبي المقتول معمر القذافي، لاحظ ظهور جمال مبارك على الساحة السياسية بانتظام، فسأل مبارك بشكل فج ومباشر عما إذا كان يفكر في توريث الحكم له على طريق بشار في سوريا، إلا أن مبارك استنكر، وفاجأ القذافي بقوله:" إن تجربة بشار الأسد غير قابلة للتكرار في مصر، وأن مصر ليست سوريا، وأيضا فإن النظام في مصر جمهوري، والنظام الجمهوري لا يعرف توريثا للحكم".
وحسب هيكل فإن مبارك أضاف للقذافي: "إنه وزوجته سوزان بسبب رغبتهما في استعجال عودة نجلهما جمال الذي كان يعيش في لندن، رأيا إغراءه بشاغل جديد يستهويه، وأنهم أعطوه بعض المهام السياسية لينشغل بها، حتى لا نصحوا ذات يوم فنفاجأ بجمال عائد إلى لندن، ثم نسمع أنه تزوج واستقر هناك".